فصل: التفسير المأُثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأُثور:

قال السيوطي:
{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)}
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة {إذا زلزلت} بالمدينة. وأخرج ابن مردويه عن قتادة قال: نزلت بالمدينة {إذا زلزلت}.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبد الله بن عمرو قال: «أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرئني يا رسول الله قال له: اقرأ ثلاثًا من ذوات الراء فقال له الرجل: كبر سني واشتد قلبي وغلظ لساني.
قال: اقرأ ثلاثًا من ذوات حم. فقال مثل مقالته الأولى، فقال: اقرأ ثلاثًا من المسبحات. فقال مثل مقالته، ولكن اقرئني يا رسول الله سورة جامعة فأقرأه {إذا زلزلت الأرض زلزالها} حتى فرغ منها.
قال الرجل: والذين بعثك بالحق لا أزيد عليها، ثم أدبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح الرويجل أفلح الرويجل»
.
وأخرج الترمذي وابن مردويه والبيهقي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ {إذا زلزلت} عدلت له بنصف القرآن، ومن قرأ {قل هو الله أحد} عدلت له بثلث القرآن، ومن قرأ {قل يا أيها الكافرون} عدلت له بربع القرآن».
وأخرج الترمذي وابن الضريس ومحمد بن نصر والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{إذا زلزلت} تعدل نصف القرآن و{قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن و{قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قرأ في ليلة {إذا زلزلت} كان له عدل نصف القرآن».
وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن رجل من بني جهينة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح {إذا زلزلت الأرض} في الركعتين كلتيهما فلا أدري أنسي أم قرأ ذلك عمدًا.
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه الفجر فقرأ بهم في الركعة الأولى {إذا زلزلت الأرض} ثم أعادها في الثانية.
وأخرج أحمد ومحمد بن نصر والطبراني والبيهقي في سننه عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما {إذا زلزلت} و{قل يا أيها الكافرون}.
وأخرج البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس يقرأ في الركعة الأولى بأم الكتاب {وإذا زلزلت} وفي الثانية {قل يا أيها الكافرون}.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن الشعبي قال: من قرأ {إذا زلزلت} فإنها تعدل سدس القرآن.
وأخرج ابن الضريس عن عاصم قال: كان يقال: {قل هو الله أحد} ثلث القرآن {وإذا زلزلت الأرض} نصف القرآن و{قل يا أيها الكافرون} ربع القرآن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس {إذا زلزلت الأرض زلزالها} تحركت من أسفلها {وأخرجت الأرض أثقالها} قال: الموتى {وقال الإنسان ما لها} قال: يقول الكافر ما لها {يومئذ تحدث أخبارها} قالها ربك قولي فقالت: {بأن ربك أوحى لها} قال: أوحى إليها {يومئذ يصدر الناس أشتاتًا} قال: من كل من هاهنا وههنا.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وأخرجت الأرض أثقالها} قال: من في القبور {يومئذ تحدث أخبارها} قال: تخبر الناس بما عملوا عليها {بأن ربك أوحى لها} قال: أمرها وألقت ما فيها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية {وأخرجت الأرض أثقالها} قال: ما فيها من الكنوز والموتى.
وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئًا».
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة قال: «قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {يومئذ تحدث أخبارها} قال: أتدرون ما أخبارها؟قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل كذا وكذا في يوم كذا وكذا فهذه أخبارها».
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الأرض لتخبر يوم القيامة بكل ما عمل على ظهرها. وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا زلزلت الأرض زلزالها} حتى بلغ {يومئذ تحدث أخبارها} قال: أتدرون ما أخبارها جاءني جبريل قال: خبرها إذا كان يوم القيامة أخبرت بكل عمل عمل على ظهرها».
وأخرج الطبراني عن ربيعة الجرشي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تحفظوا من الأرض فإنها أمكم، وإنه ليس من أحد عامل عليها خيرًا أو شرًا إلا وهي مخبرة به».
وأخرج عبد بن حميد عن الحكم رضي الله عنه قال: رأيت أبا أمية صلى في المسجد الحرام المكتوبة، ثم تقدم فجعل يصلي هاهنا وههنا، فلما فرغ قلت له: ما هذا الذي رأيتك تصنع؟ قال: قرأت هذه الآية {إذا زلزلت الأرض زلزالها} إلى قوله: {يومئذ تحدث أخبارها} فأردت أن تشهد لي يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن إسماعيل بن عبد الله قال: سمعت سعيد بن جبير يقرأ بقراءة ابن مسعود هذه الآية: {يومئذ تنبئ أخبارها} وقرأ مرة {يومئذ تحدث أخبارها}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي رضي الله عنه في قوله: {يومئذ يصدر الناس أشتاتًا} قال: فرقًا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {يومئذ يصدر الناس} قال: يتصدعون {أشتاتًا} فلا يجتمعون بعد ذلك آخر ما عليهم، وكان يقال إن هذه السورة الفاذة الجامعة. أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم في تاريخه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أنس رضي الله عنه قال: «بينما أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم: إذ نزلت عليه {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} فرفع أبو بكر رضي الله عنه يده وقال: يا رسول الله إني لراء ما عملت من مثقال ذرة من شر، فقال: يا أبا بكر أرأيت ما ترى في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر بشر ويدخر لك مثاقيل ذر الخير حتى توفاه يوم القيامة».
وأخرج إسحق بن راهويه وعبد بن حميد والحاكم وابن مردويه عن أسماء قالت: «بينما أبو بكر رضي الله عنه يتغدى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت هذه الآية {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} فأمسك أبو بكر رضي الله عنه وقال: يا رسول الله أكل ما عملناه من سوء رأيناه؟ فقال: ما ترون مما تكرهون فذاك مما تجزون به ويدخر الخير لأهله في الآخرة».
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: أنزلت {إذا زلزلت الأرض زلزالها} وأبو بكر الصديق رضي الله عنه قاعد، فبكى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يبكيك يا أبا بكر؟» قال: تبكيني هذه السورة. فقال: «لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر لكم لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم».
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق إذ نزلت عليه هذه الآية {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عن الطعام ثم قال: «من عمل منكم خيرًا فجزاؤه في الآخرة، ومن عمل منكم شرًا يراه في الدنيا مصيبات وأمراضًا، ومن يكن فيه مثقال ذرة من خير دخل الجنة».
وأخرج ابن مردويه عن أبي ادريس الخولاني رضي الله عنه قال: «كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه هذه الآية {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} فأمسك أبو بكر يده وقال: يا رسول الله إنا لراؤون ما عملنا من خير أو شر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر أرأيت ما رأيت مما تكره فهو من مثاقيل الشر ويدخر لك مثاقيل الخير حتى توفاه يوم القيامة، وتصديق ذلك في كتاب الله: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير} [الشورى: 30]».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال: «لما أنزلت هذه الآية {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} قلت: يا رسول الله إني لراء عملي؟ قال: نعم.
قلت: تلك الكبار الكبار؟ قال: نعم.
قلت: الصغار الصغار.
قال: نعم.
قلت: واثكل أمي.
قال: أبشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشر أمثالها يعني إلى سبعمائة ضعف، والله يضاعف لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يعفو الله، ولن ينجو أحد منك بعمله.
قلت: ولا أنت يا نبي الله؟ قال: ولا أنا الا أن يتغمدني الله منه بالرحمة»
.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره} الآية قال: لما نزلت {ويطعمون الطعام على حبه} [الإنسان: 8] كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه، فيجيء السائل إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه التمرة والكسرة فيردونه، ويقولون: ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه، وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير كالكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك، ويقولون: إنما وعد الله النار على الكبائر فرغبهم في الخير القليل أن يعملوه فإنه يوشك أن يكثر، وحذرهم اليسير من الشر فإنه يوشك أن يكثر {فمن يعمل مثقال ذرة} يعني وزن أصغر النمل {خيرًا يره} يعني في كتابه ويسره ذلك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله: {فمن يعمل مثقال ذرة} الآية قال: ليس من مؤمن ولا كافر عمل خيرًا ولا شرًا في الدنيا إلا أره الله إياه، فأما لمؤمن فيريه الله حسناته وسيئاته فيغفر له من سيئاته ويثيبه على حسناته، وأما الكافر فيريه حسناته وسيئاته فيرد حسناته ويعذبه بسيئاته.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب في الآية قال: من يعمل مثقال ذرة من خير من كافر يرى ثوابها في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس عنده خير {ومن يعمل مثقال ذرة شرًا} من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس عليه شيء.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وأحمد وعبد بن حميد والنسائي والطبراني وابن مردويه عن صعصعة بن معاوية عم الفرزدق أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} فقال: حسبي لا أبالي أن لا أسمع من القرآن غيرها.
وأخرج سعيد بن منصور عن المطلب بن عبد الله بن حنطب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في مجلس ومعهم أعرابي جالس {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعلم مثقال ذرة شرًا يره} فقال الأعرابي: يا رسول الله أمثقال ذرة؟ قال: نعم. فقال الأعرابي: واسوأتاه. ثم قال وهو يقولها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد دخل قلب الأعرابي الإِيمان».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره} الآية فقام رجل فجعل يضع يده على رأسه وهو يقول: واسوأتاه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما الرجل فقد آمن». وأخرج ابن المبارك عن زيد بن أسلم رضي الله عنه «أن رجلًا قال: يا رسول الله ليس أحد يعمل مثقال ذرة خيرًا إلا رآه ولم يعمل مثقال ذرة شرًا إلا رآه؟ قال: نعم. فانطلق الرجل وهو يقول: واسوأتاه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: آمن الرجل».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع رجلًا إلى رجل يعلمه فعلمه حتى بلغ {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره} فقال الرجل: حسبي فقال الرجل: يا رسول الله أرأيت الرجل الذي أمرتني أن أعلمه لما بلغ {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره} فقال حسبي: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعه فقد فقه».
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال: «ذكر لنا أن رجلًا ذهب مرة يستقرئ فلما سمع هذه الآية {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره} إلى آخرها فقال: حسبي حسبي إن عملت مثقال ذرة من خير رأيته، وإن عملت مثقال ذرة من شر رأيته».
قال: وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «هي الجامعة الفاذة».
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق عن الحسن قال: لما نزلت {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره} الآية قال رجل من المسلمين: حسبي حسبي إن عملت مثقال ذرة من خير أو شر رأيته انتهت الموعظة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحارث بن سويد أنه قرأ {إذا زلزلت} حتى بلغ {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره} قال: إن هذا الإِحصاء شديد.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال: هو الكافر يعطي كتابه يوم القيامة فينظر فيه فيرى فيه كل حسنة عملها في الدنيا، فترد عليه حسناته، وذلك قول الله تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورًا} [الفرقان: 23] فابلس واسود وجهه، وأما المؤمن فإنه يعطى كتابه بيمنيه يوم القيامة فيرى فيها كل خطيئة عملها في دار الدنيا ثم يغفر له ذلك وذلك قول الله: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} [الفرقان: 70] فابيض وجهه واشتد سروره.
وأخرج ابن جرير عن سليمان بن عامر رضي الله عنه أنه قال: «يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم ويفي بالذمة ويكرم الضيف.
قال: مات قبل الإِسلام؟ قال: نعم.
قال: لن ينفعه ذلك، ولكنها تكون في عقبه فلن تخزوا أبدًا، ولن تذلوا أبدًا، ولن تفتقروا أبدًا»
.
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: لولا ثلاث لأحببت أن لا أبقى في الدنيا وضعي وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار أقدمه لحياتي، وظمأ الهواجر، ومقاعدة أقوام ينتقون الكلام كما تنتقى الفاكهة، وتمام التقوى أن يتقي الله تعالى البعد حتى يتقيه في مثقال ذرة حتى أن يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حرامًا حتى يكون حاجزًا بينه وبين الحرام، إن الله قد بين للناس الذي هو يصيرهم إليه قال: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} فلا تحقرن شيئًا من الشر أن تتقيه ولا شيئًا من الشر أن تفعله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعلموا أن الجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره».
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» ثم قرأت {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره}.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن عائشة رضي الله عنها جاءها سائل فسأل فأمرت له بتمرة، فقال لها قائل: يا أم المؤمنين إنكم لتصدقون بالتمرة؟ قالت: نعم. والله إن الخلق كثير، ولا يشبعه إلا الله أو ليس فيها مثاقيل ذر كثيرة؟.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن عائشة أن سائلًا جاءها فقالت لجاريتها: أطعميه، فوجدت تمرة فقالت: أعطيه إياها فإن فيها مثاقيل ذر إن تقبلت.
وأخرج مالك وابن سعد وعبد بن حميد من طريق عائشة رضي الله عنها أن سائلا أتاها وعندها سلة من عنب فأخذت حبة من عنب فأعطته فقيل لها في ذلك، فقالت: هذه أثقل من ذر كثير، ثم قرأت {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره}.
وأخرج عبد بن حميد عن جعفر بن برقان قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب أتاه مسكين وفي يده عنقود من عنب فناوله منه حبة وقال: فيه مثاقيل ذر كثيرة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سائلًا سأل عبد الرحمن بن عوف وبين يديه طبق وعليه فناوله حبة، فكأنهم أنكروا ذلك عليه، فقال: في هذه مثاقيل ذر كثير.
وأخرج سعد عن عطاء بن فروخ أن سعد بن مالك أتاه سائل وبين يديه طبق عليه تمر فأعطاه تمرة، فقبض السائل يده. فقال سعد: ويحك تقبل الله منا مثقال الذرة والخردلة وكم في هذه من مثاقيل الذر؟.
وأخرج ابن سعد عن شداد بن أوس أنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس ألا إن الدنيا أجل حاضر يأكل منها البار والفاجر، ألا وإن الآخرة أجل مستأخر يقضي فيها ملك قادر، ألا وإن الخير بحذافيره في الجنة، ألا وإن الشر بحذافيره في النار، ألا واعلموا أنه {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره}.
وأخرج الزجاجي في أماليه عن أنس بن مالك «أن سائلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه تمرة فقال السائل: نبي من الأنبياء يتصدق بتمرة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما علمت أن فيها مثاقيل ذر كثير».
وأخرج هناد عن ابن عباس في قوله: {مثقال ذرة} إنه أدخل يده في التراب ثم رفعها ثم نفخ فيها وقال: كل من هؤلاء مثقال ذرة.
وأخرج الحسين بن سفيان في مسنده وأبو نعيم في الحلية عن شداد بن أوس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أيها الناس إن الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر، وإن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر، يحق فيها الحق ويبطل الباطل أيها الناس كونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن كل أم يتبعها ولدها. اعملوا وأنتم من الله على حذر، واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم، وأنكم ملاقو الله لابد منه {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره}».
وأخرج مالك والبخاري وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الخيل لثلاثة: لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر» الحديث.
قال: وسئل عن الحمر فقال: «ما نزل على فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره}». اهـ.